الوفاء...نغمات تتراقص على أوتار القلوب بخفة ..تتسلل منافذ الروح بمنتهى الرقة....
الوفاء هو نشيد للغة الإحساس..لغة ليس كل البشر يستشع عظمتها.... ولا يستطيع الجميع أن يفهمها ..
الوفاء..هو بطاقة وجدانية سامية تفتح أمامنا المجال للشعور بالحب والثقة بيننا وبين الآخرين وتجعلهم
ينشدون المثاليةَ في التعامل...مثالية تصحبها حساسية مرهفة نحو أدنى تقصير...
الوفاء...هو بحر من الأخلاق والصفات الحميدة...لا غدر به ولا خيانة...أمواجه نسجتها خيوط الاخلاص
والود والمحبة وسفنه قلوب رست مشاعرها على الطهارة والنية الطيبة ...على المحافظة
على العهود وعلى البذل من أجل الآخرين دون مقابل أو حدود.
الوفاء..هو زهرة تستمد عبيرها من عطاء القلوب ...فتنمو وتزهر ويزداد فوحها مع كل عطاء متجدد
ومع كل عطاء صادق ...لكن ككل الزهرات فٳن هذه الزهرة رقيقة...قد يهشمها ذوي
القلوب القاسية فتذبل...ومع مرور الوقت تموت....
ككل بحر...فٳن الوفاء بحر لا حدود لعطائه ...ترسو في مينائه سفن القلوب الطاهرة ...
والعابقة بشذى العطاء...
أولى هذه السفن...سفن الصداقة...سفن راقية أبحرت من موانئ الحياة...ٳلتقت صدفة
بعد عواصف شرعتها لمواجهة أقسى الظروف...ٳتحدت...تعاونت...وبا ت ٳتحادها حاجة ٳنسانية خالية
من المطامع الشخصية والمصالح....
كم هي رائعة سفن الصداقة ...سفن جمعتها عواصف الدهر ...فألفت بعضها وعاهدت
طاقمها على متابعة المسيرة سويا...دون خوف فهدأت العواصف وٱستكانت الرياح
وأشرق فجر جديد شعاعه قبس من روح التعاون والاخاء....
بجانب سفن الصداقة...ترسو في ميناء الوفاء سفن على كل منا الصعود ٳلى متنها...
كيف لا وهي سفن البذل والعطاء لأجل أغلى جوهرتين في حياتنا...ٳنها سفن الوفاء للوالدين...
سفن قضت عمرها تمخر بحار الحياة ...تصارع أمواجها العاتية...تضحي بنفسها من أجل
بقاء طاقمها قيد الحياة...وبذلت كل طاقاتها من أجل ٳسعادهم والرقي بهم.
فما أجمل أن نقف بجانب هذه السفن إحتراما...كم هو جميل أن نصونها ونحفظها ونرعاها
في كل وقت وخاصة عندما نشعر بعدم قدرتها على متابعة الٳبحار...
كم هو جميل أن نشعرها بأننا سنحفظ العهد ونبادلها الوفاء فلا نرميها عندما
تعجز أشرعتها عن مواجهة ما تبقى من الرياح....
ولسفن الحب مكان لترسو في ميناء الوفاء...وهذه السفن من أجمل السفن وأرقها....
سفن دخلت عالم البحار حديثا....لم تعرف أمواجه القوية ورياحه العاصفة...سفنٌ أحبت أن تبدأ
رحلتها كثنائي...وأجمل ما فيها أنها سفن تبذل ما في جعبتها بسخاء ...سفن شراعها
آمال وأحلام تأمل أن ترسخ جذورها في أرض الحب قبل أن يحينَ موعد الرياح الخائنة...قبل أن يحين هذا اللقاء...
جميلة هذه السفن...لكنها سفنا هشة بطبيعتها...بحاجة ٍ لأن تهتدي بنور ِ البدر ِ في السماء ....
وأن تنسج من خيوط نوره شعاعا تعتمده في ٳبحارها في بحار الحياة...فتكون هذه الخيوط...
البذور الأولى أرض خصبة تنمو فيها سنابل الوفاء...
أتمنى أن تكونوا أبحرتم معي في بحر الوفاء...ومن هنا...أدعوكم لأن تبقى قلوبكم نابضة
بالوفاء...الوفاء
لأصدقائكم...
لأهلكم...
لمن تحبون...
ولا تجعلوا ترقرقَ الوفاء يجف من ينابيع قلوبِكم وٱجعلوا من قلوبكم ميناء
ترسو فيه أنقى المشاعر وأصدقَها...لتتجدد أرواحنا جميعا
بتفتح براعم الوفاء...براعم نتمنى أن تزهر ويفوح شذاها في عالمنا فيصبح أجمل...وأعطر...وربما أفضل...